الآراء

تحولات المشهد التآمري بعد هجوم بورتسودان .. فشل الوكيل .. فظهر الكفيل ؟!

بقلم/ إدريس عبد الله

لم يكن التآمر على السودان أكثر جلاء ووضوحاً مثلما حدث من عدوان إماراتي خلال الأيام القليلة الماضية على ميناء ومطار وخزانات الوقود والغاز بمدينة بورتسودان، وهو الهجوم الذي كشف تمادي دويلة الشر الإمارات ووكيلتها الميليشيا  الإرهابية الذين أمعنوا في ممارسة أقسى درجات السادية في الجرائم والانتهاكات بحق الشعب السوداني من تقتيل، وتدمير للبنية الأساسية، ونهب لثروات ومقدرات الدولة، ومن تهديدٍ لأمن دول المنطقة والملاحة في البحر الأحمر…

إن هذا التحول في المشهد التآمري على السودان،  يوضح بأن الإمارات أعلنت على الملأ،  وصراحة ودون خشية من عقاب أو حمرة خجل من إنسانية، بأنها تحولت  إلى مجرد خادم للغرب وإسرائيل، وسخرت نفسها لتنفيذ الأجندات الاستعمارية في المنطقة سواء عبر المليشيات أو المرتزقة، مما يؤكد أن  الإمارات رهنت وجودها ومركزها المادي بالقوى الغربية والشركات العابرة للقارات والعائدة لتلك القوى، وبالتالي فإن وجود وبقاء محمد بن زايد على كرسي الحكم مرتبط بشكل وثيق بافتعال الحروب وتغذيتها في دول المنطقة الوازنة مثلما حدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق، والآن في السودان، تحقيقاً لمصالح القوى الغربية عامة وإسرائيل خاصة. ولم يكتَفِ بن زايد بهذا الدور الوظيفي، بل ذهبت به الوقاحة إلى تحديد هوية الدين الذي ينبغي في نظره أن يتبعه المسلمون وليس هناك أدل من ترويج الإمارات لفكرة الديانة « الإبراهيمية «، التي تهدف إلى صهر الملل الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية في دين واحد وهي دعوة خبيثة وفكرة باطلة بحسب قول علماء المسلمين.

وعلى ضوء هذه المعطيات، أصبح في حكم المؤكد بأن الشعب السوداني وجيشه البطل، أفشل هذا المخطط التآمري الشيطاني في مهده، بل تعززت وترسخت قبضة الجيش والقوات المساندة له في كافة جبهات القتال بعد تحرير العاصمة الخرطوم،  ومدن وقرى وسط البلاد من  ميليشيا آل دقلو ومرتزقتها  ودحرها مهزومة مذلولة، فضلاً عن سيطرة الجيش على كامل الولايات الشرقية والشمالية، والانتقال نحو ولايات كردفان ودارفور والسيطرة على مناطق مهمة هناك، كل هذه الإنتصارات الميدانية وضعت المليشيا وأعوانها وداعميها يعيشون حالة من التخبط والإنهيار تحت وطأة ضربات الجيش وكان آخرها الضربة الجوية الساحقة لمطار نيالا وتدمير طائرة شحن محملة بالأسلحة، وقتل أكثر من 18 ضابطاً من (جنسيات إماراتية وتشادية وكينية وليبية وجنوب السودان..) إضافة إلى عشرات القتلى من الميليشيا، وتدمير مخازن للأسلحة والذخيرة والمسيرات… الشئ الذي أفقد الميليشيا توازنها وقدرتها القتالية.

إن هذا التحول الميداني البارز، والمكاسب الكبيرة التي حققها  الجيش، أحدثت صدمة قوية في صفوف تحالف المتآمرين  من الميليشيا والقحاتة الذين  تجرعوا كؤوس الهزيمة النكراء، الساعة تلو الأخرى، لذا جاءت الضربات الجبانة لمدينة بورتسودان بالمسيرات الإستراتيجية والانتحارية بهدف تعويض الهزائم المتلاحقة التي أصابت قوات الميليشيا في مقتل وكرست فشلها  وعجزها في كسر شوكة وإرادة الصمود لجيشنا، الذي سطر أروع ملاحم البطولات في التضحية والاستشهاد دفاعاً عن سيادة الوطن  والأرض، والعرض وحمايةً للمواطنين، في وقت عزت فيه روح المؤازرة والدعم من الأشقاء والأصدقاء إلا من رحم ربك.

لذلك أقول، مهما كانت التحديات والمؤامرات وما صاحبها من آلام وجراحات متعددة، يجب علينا أن نرى الحق مضيئا بنور شمس الإيمان بالنصر المبين، حيث نجح السودان في تحقيق العديد من الأهداف وعلى رأسها إجهاض المؤامرة الكبرى في مهدها، بعد زلزلة الأرض من تحت أقدام الوكيل «الميليشيا»  فأصبح يجر خيبات الهزيمة النكراء، فظهر الكفيل الذي سوف يشرب هو الآخر من  كأس الهزيمة علقما، لأن الحقيقة الوحيدة الثابتة والراسخة رسوخ الجبال في قلوب السودانيين، هي أنّ هذه الحرب هي حرب وجود.. وهي حرب كرامة.. وهي حرب بين الحق والباطل مصداقا لقوله تعالى «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا» مما يعني أن المعركة الفاصلة بين السودان والإمارات لا تقبل أصحاب المواقف المحايدة، فإما الوقوف إلى جانب الحق السوداني الأصيل في الدفاع عن الوطن؛ وإما الوقوف إلى جانب الأعداء، في هذه اللحظة الحاسمة التي نستشرف فيها المستقبل ومالآت الوضع، وهو أمر يؤكد لنا دون أدنى شك أننا نصطف مع الحق في السيادة الوطنية لأنه «أحق أن يتبع» لاسيما وأن الحرب عرت المستور وكشفت حقائق أخرى ظلت مخفية إلى حين.. حتى جاء هذا العدوان السافر والذي تم على مرأى ومسمع من الدول الكبرى، التي طالما تشدقت بأنها الحامية لقيم حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي  وبأنها حريصة على مبادئ الأمم المتحدة وأبرزها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بينما نجدها لا تحرك ساكنا أمام مجازر وجرائم وانتهاكات الميليشيا بحق الشعب السوداني، كما نجدها صامتة صمت القبور إزاء تدخل الإمارات في الشأن الداخلي السوداني وهي تتبجح ليل –  نهار بأفعالها الدنيئة.. الداعمة للميليشيا واستخدامها كجسر  للسيطرة على موارد ومقدرات الشعب السوداني، وبعد أن تأكد فشلها وأظهرت  قبيح سريرتها وكالح وجهها، وبلغ نفاقها مداه، وأصبحت طرفاً أساسيا مشاركا في الحرب على السودان، ظلت الإمارات تمارس عمليات التضليل والتحريف والتنصل من تدخلها السافر، حيث تعمل على تعبئة إعلامها مثل قنوات « الحدث والعربية «  في تقديم صورة مثالية عنها والإصرار بأنها داعمة للجهود السلمية وتقديم الم الحرب ساعدات الإنسانية للشعب السوداني  وأنها ليست طرفاً في الدائرة حالياً  بالسودان، في عملية تحريف وتضليل مكشوفة للرأي العام الإقليمي والدولي بينما إعلامها وكذا القنوات الفضائية المدعومة من جانبها تتحرك في تسويق وجهة النظر الإماراتية دون أي وازع أخلاقي وإنساني ومهني ملتزم بالمواثيق الإعلامية المعمول بها دوليا.

لذا يجب علينا ونحن في خضم  هذا التحول في المشهد التآمري «المركب»، لاسيما بعد انخراط الإمارات بصورة علنية في الحرب، أن ينصب تركيزنا على الآتي :

أولا/ الاستمرار في دعم جيشنا البطل بالموارد البشرية والمادية وتثمين دوره والافتخار بتضحياته خاصة في هذا الوقت، حيث تتضاعف المسؤوليات والواجبات الوطنية وتفرض علينا تقديم كل المعونات اللازمة من أجل تحقيق الانتصار التاريخي في المعركة الفاصلة بعد أن ظهر الكفيل في ساحة المواجهة…

ثانياً/ الانخراط الفعلي في تعزيز مواقف الحكومة ودعمها سياسياً وإعلاميا في كافة الفضاءات الإقليمية والدولية.

ثالثاً/ الإشادة بالقيادة العامة والقوات النظامية المختلفة والمستنفرين والمقاومة الشعبية وقوات المشتركة، لما حققوه من إنتصارات ميدانية في مختلف جبهات القتال، والشد على أياديهم من أجل إنجاز واجباتهم على أكمل وجه، بدحر ميليشيا آل دقلو ومرتزقتها وأعوانها وداعميها في كامل الأراضي السودانية.

رابعاً/ تأييد القرار السيادي الشجاع والحاسم للحكومة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دويلة الإمارات، التي تسببت بدعمها الواضح في إطالة أمد الحرب واعتبارها طرفاً في كل  الأذى الذي لحق بالشعب السوداني من جرائم قتل،واغتصاب للنساء، وتدمير للبنيات الأساسية، ونهب للآثار، وللموروث الحضاري للأمة السودانية وثروات ومقدرات الدولة السودانية.

خامساً/ التمسك بخارطة الطريق التي تقدمت بها الحكومة بشأن الخروج من واقع الحرب الدائرة حالياً، ومن أهم ما جاء في خارطة الطريق والتي أجرتها الحكومة مع عدد من القوى السياسية والمجتمعية وإطلاق حوار وطني شامل، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستكمال مهام الفترة الانتقالية وتجاوز تبعات الحرب، وإجراءات التعديلات القانونية اللازمة، وعلى الجهات الدولية والأطراف المعنية التشاور مع الحكومة السودانية،  حول قضية إعادة الإعمار والتعويضات وجبر الأضرار، والاتفاق حول رؤية واضحة لمعالجة الأوضاع الإنسانية، وكيفية تعويض الضحايا وإعادة النازحين، وتصويب أوضاع اللاجئين في الخارج، وتجريد الميليشيا من السلاح، وتجميع أفرادها في أماكن يحددها الجيش، وإجراء محاكمات عادلة لكل من ثبت في حقه إرتكاب جرائم وانتهاكات بحق المواطنين أو سرقة أموال الدولة، وانهاء أيّ أدوار مستقبلية للميليشيا في هياكل الدولة، واستئناف العملية السياسية بعد الحرب، والتي ينبغي أن تتوج بتنظيم انتخابات عامة حرة ونزيهة، وإلى حين تنزيل هذه الخارطة لا يستطيع أحد أن يجبر الدولة والشعب على قبول التفاوض مع الميليشيا والقوى الأجنبية الداعمة لها، وفي مقدمتها النظام الإماراتي الفاجر. باعتبار هذه البنود المفتاح الحقيقي للخروج بالبلاد إلى بر الأمان وتحقيق واقع أفضل يرتقي لمستوى تطلعات الشعب السوداني الذي قدم عظيم التضحيات.

يبقى القول، إنّ معركتنا ستظل مستعرة إلى أن يتم دحر ميليشيا آل دقلو وأعوانها من كل الأراضي السودانية مهما كلف ذلك من أثمان بشرية ومادية غالية قد يراها البعض كبيرة… لكنها لا تساوي ذرة في ميزان الانتصار لكرامة المواطن السوداني وحرية وسيادة الوطن.

واخيرا أقول لشعبنا الصامد، صبراً يا أهل الشيم والكبرياء والشموخ فالنصر بات قريباً لا محالة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى